نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 148
هذه الوسائل جميعا قد يضل الإنسان فى استخدامها، ولا يستطيع الاستفادة منها والانتفاع بها. فقد تقصر حواسه فى الإلمام بالمحسّات، وقد يضعف عقله بالعلل والآفات أو الأعراض والشهوات عن الوصول إلى الحقيقة، وقد ينحرف عن الدين لجهالة به أو إعراض عنه أو غير ذلك من الأسباب، ولهذا شرع لنا الله تبارك وتعالى أن نسأله
الهداية إلى الصراط المستقيم فى هذه الوسائل كلها. فلا تقصر حواسنا، ولا تضعف عقولنا، ولا نحيد فى فهم الدين والفقه فيه عن الحق وجادة الصواب.
واستقصاء مدلول الصراط المستقيم فى جميع الأقوال والأفعال غير ممكن؛ لأنه الحد الوسط فى كل قول وفعل كما تقدّم، وفى هذا الإيجاز منتهى الإعجاز. والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.
(صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)
[أصناف الناس]
فى هذه الآية الكريمة ثلاثة أصناف من الناس هم: الذين أنعم الله عليهم، والمغضوب عليهم، والضّالّون.
قال بعض المفسّرين: الذين أنعم الله عليهم هم المؤمنون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أو غيرها من الأمم السابقة، والمغضوب عليهم هم اليهود الذين انحرفوا عن هدى التوراة، والضالون هم النصارى الذين لم يستمسكوا بتعاليم الإنجيل الصحيح، وقد وردت بذلك بعض الآثار [1].
كما قال بعض المفسرين: المغضوب عليهم بالبدعة، والضالون عن السنة [2]. ولا مبرر لهذا التخصيص إلا أن يكون ذلك على سبيل التمثيل فقط.
ولعل أجمع ما يقال فى ذلك وأوفاه: أن الذين أنعم الله عليهم هم الذين عرفوا الحق، [1] ورد فى هذا قوله صلى الله عليه وسلم:" اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضلال" والحديث أخرجه أحمد (5/ 511) والترمذى (2954) عن عدى بن حاتم رضى الله عنه. والحديث حسّنه ابن حجر" فتح البارى" (8/ 202). [2] انظر: تفسير البغوى (1/ 54).
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 148